کد مطلب:239536 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:139

لماذا الاصرار علی اتهام الفضل
و هكذا .. فاننا بعد كل ما تقدم، لا نری مجالا للاصرار علی نسبة التشیع للفضل ، أو القول : بأن المأمون كان واقعا فی أمر البیعة تحت تأثیره، و خاضعا لارادته، فقد یكون الفضل قد أعطی اكثر مما یستحقه من النفوذ و القدرة .. و لعل اصرار أولئك أو هؤلاء علی اتهام الفضل بذلك، حتی و ان أنكره المأمون نفسه، و كذبته جمیع الوقائع و الأحداث - لعله - یرجع الی حرصهم علی أن لا یتهم المأمون - السلطة - بما



[ صفحه 272]



لا یحبون اتهامه به، كالتشیع، و الحب لآل علی (ع)، أو لیبرءوا ساحته من هذه التهمة، لو فرض وجودها فعلا.. أو لعل لأنهم لم یكونوا علی درجة من الوعی تؤهلهم لادراك حقیقة ظروف المأمون، و أهدافه من البیعة ..

هذا .. و قد رأینا : أن العباسیین فی بغداد، بمجرد وصول نبأ البیعة لهم، یتهمون الفضل بن سهل بتدبیرها [1] مع أنهم لم یكونوا قد اطلعوا بعد حقیقة الأمر و واقع القضیة، و ما ذلك الا لما قلناه، و لیبقوا علی علاقاتهم مع المأمون، و لیبقی باب الصلح معه فی المستقبل مفتوحا .. و كذلك لیحافظوا علی شخصیة المأمون، حتی لا تلصق بها تهمة، یعلمون هم أكثر من غیرهم - و أهل البیت أدری بما فیه - ببراءته منها ، ألا و هی تهمة : الحب لعلی، و آل بیته ..

و لعله أیضا لهذه الاسباب نفسها جعلوا المأمون لعبة فی ید الفضل، و أنه لا یملك معه من الأمر شیئا، حتی لقد قالوا عنه : انه مسجون و مسحور [2] و ان كان لا شاهد لهذه الدعوی أصلا الا البیعة للرضا (ع)، و لولاها لكان العكس عندهم هو الصحیح فعلا ..

جمیل .. و جمیل جدا .. فلقد أصبح المأمون لعبة بید الفضل، و ان كانت جمیع الدلائل و الشواهد متظافرة علی العكس من ذلك .. ولو لم یكن ذلك یكفی لتبرئة المأمون، فهم علی استعداد لاتهامه بعقله، كما قد حدث ذلك بالفعل، فذلك عندهم خیر من اتهامه بالحب لآل علی، و التشیع لهم ..



[ صفحه 273]




[1] فقد اتهموا الفضل بذلك، بمجرد وصول رسالة الحسن بن سهل اليهم، يخبرهم فيها بأمر البيعة .. راجع : الطبري ج 11 ص 1013، طبع ليدن و تجارب الامم ج 6 ص 436 و غير ذلك من كتب التاريخ.

[2] راجع : البداية و النهاية ج 10 ص 248، الطبري ج 11، و غير ذلك.